لقد وجدت منزلا
من وأنا صغيرة كان عندى إحساس بعدم الانتماء وأنى من كوكب تانى، وكنت دايما بأقول حاجات غلط فى الأوقات الغلط ، وقضيت عشرين سنة فى محاولة مقاومة الإحساس ده، كنت دايما باحس بغربة وأنا وسط البنات ومكنتش بأقدر أفهمهم أو أثق فيهم، على العكس مع الأولاد.
مكنش عندى الإحساس بالإعتزاز بالنفس وكنت كارهه نفسي وغير راضية عن نفسى وحاسه أنى فاشلة، وكان نفسى أكون إنسانة تانية مش أنا.
فى البداية لجأت لشرب الخمرة ، وشربت منها لغاية مرحلة الغيبوبة ، ومنها بدأت أتعاطى الحشيش وبنفس الطريقة فى البداية جرعات صغيرة لحد ما وصلت لأنى أتعاطاه بكميات كبيرة
وبعدها بدأت أجرب أنواع تانية من المخدرات ، كنت باخاف من حاجات كتيرة، إلا المخدرات مكنتش باخاف منها ، لأنها كانت بتدينى الإحساس بالإختلاف، وفضلت على ده الحال لغاية ما كنت باتعاطى المخدرات لمرحلة الترنح.
وطبعا كنت محتاجة للمال علشان أقدر أحصل على المخدرات، فلجأت للشغل، علشان أقدر أتعاطى المخدرات بالكمية اللى أنا محتاجاها ومكنش محتاجة لأى حد.
وبدأت حياتى تاخد شكل مختلف، بانضم لناس غريبى الأطوار، مختلفين عن باقى المحيطين بيا، وغيرهم من الشباب اللى لهم أفكار متهورة. لكن فضل عندى الإحساس اللى كنت باحسه أنى مختلفة ، وأنى لسه زى ما أنا وانى لا أنتمى لشئ وأنى وحيدة.
ولقيت نفسى خلال سبع سنين باشرب الخمور وباتعاطى المخدرات وشميت وضربت حقن، لدرجة أنى بقيت باوصل لمرحلة الغيبوبة قبل ما أشعر بالمتعة اللى بتسببها المخدرات، ولقيت أن المشاعر اللى كنت باحاول أهرب منها موجودة زى ماهى ، بالعكس زاد عليهم أحاسيس تانية وهى الاحساس بإحتقارى لنفسى وإحساس الإذلال وكمان زاد إحساسى بالعزلة والوحدة، وكنت بدأت أقتنع أنى هاتجنن، وكنت على حافة الانتحار.
وفى وسط إحساسى باليأس لجأت لطبيب نفسى وواجهنى بالحقيقة المرة وهى أنى “مدمنة” وأن المخدرات مش هى الحل ، وأن الحل هى أن أواجه نفسي وأنى أعرف حقيقة المشكلة فين. ونصحنى بأنى أدخل مؤسسة علاجية علشان أتعالج من الإدمان.
وهناك بدأت مرحلة جديدة من حياتى، نجحت فى الامتناع عن التعاطى لمدة 90 يوم، وبعدها خرجت ، ولكنى كنت بارجع للتعاطى من جديد، كنت حاسه أن المخدرات أقوى منى وكنت خايفة من أثار الانسحاب، ومن هنا أدركت أن الامتناع عن التعاطى مش هاينفع أنه يكون بمفردى، وأدركت أنى مش هانجح فى الامتناع غير لما اتبع المراحل العلاجية للإدمان وكمان بالمواظبة على حضور الجلسات الجماعية.
وفعلا اهتميت بأنى اواظب على حضور جلسات العلاج الجماعى كل يوم، واصريت على متابعة الخطوات المطلوبة منى ، وبفضل ربنا مبقتش باشرب الخمر ولا باتعاطى الحشيش ولا باضرب حقن.
وعرفت أن احساسى باليأس هو اللى كان مخلينى وصلت لمرحلة الحضيض، وبفضل البرنامج بقى عندى أصحاب حقيقيين ، وبقى عندى صحاب بنات، وحياتى بقت مختلفة وبقيت ناجحة ، ومن خلال البرنامج العلاجى اتعلمت أزاى أعيش يومى “يوم بيوم” ، واتعلمت أزاى أتقبل نفسى ، وأزاى أحب نفسى.