حقائق لا تعرفها عن الاكتئاب بعد التعافي من الادمان
قد يكون قرار التعافي من الإدمان تحدياً كبيراً يحتاج إلى إرادة قوية خاصةً إذا كان نابع من المريض نفسه دون أن يضطر من حوله اتخاذ ذلك القرار نيابةً عنه حتى يذهب إلى مستشفى الوعي الجديد طلباً للمساعدة، ولا ننكر أن الحياة تتغير للأفضل بعد هذا القرار، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد يعاني المدمن من الاكتئاب بعد التعافي من الادمان، فما أعراضه، وكيفية علاجه، هذا ما سنعرفه في السطور القادمة.
جدول المحتويات
كيف تكون حياة المدمن بعد التعافي
إن المرور بتجربة الإدمان والإقامة في مصحة أو مستشفى للإدمان صعبة في حد ذاتها، ولكن مواجهة المجتمع بعد التعافي ومحاولة التأقلم أكثر صعوبة من علاج الإدمان نفسه.
فقد قضى المريض الكثير من الوقت في الإدمان والتعاطي وكأنه كان يعيش داخل كهف وخرج منه فجأة للحياة من جديد، فلا تتوقع أنه بمجرد الخروج من المصحة ستجد الحياة سهلة ووردية.
هل يحدث اكتئاب
ما بعد الاقلاع عن المخدرات؟
قد يُصاب المدمن بعد التعافي من الإدمان بالاكتئاب الذي يُعد مرض نفسي خطير يحرم صاحبه من الاستمتاع بالحياة وقد يهلكه إذا تمكن منه.
كما ارتبط حدوث الاكتئاب بعد التعافي من الادمان، وكلما زادت مدة وجرعة التعاطي زاد الشعور بالاكتئاب بل قد يتطور للإصابة بالقلق والتوتر، والأرق، ونوبات الهلع، واضطراب ثنائي القطب.
ما أسباب الاكتئاب بعد التعافي من الادمان
تسبب المخدرات والكحوليات الشعور بالسعادة والنشوة في البداية بسبب ارتفاع معدل السيروتونين والدوبامين في الدماغ، ولكنها مثل الشيطان الذي يوسوس لك بالحرام ثم يتخلى عنك لتواجه مصيرك وحدك لتُصاب بالاكتئاب.
ما أعراض الاكتئاب بعد التعافي من الادمان
من الصعب التعرُّف على أعراض الاكتئاب بسبب اختلاف الأعراض من مريض لآخر حسب تجربتهم تبعاً للاختلافات الفردية، ولكن يتشارك أغلب مرضى الاكتئاب في الأعراض التالية:
- الشعور باليأس والإحباط.
- يفقد المريض الأمل في الحياة.
- ضعف الثقة بالنفس.
- الشعور بالتعب والإرهاق باستمرار.
- فقدان الشهية.
- زيادة أو نقصان الوزن المفاجئ.
- الأرق أو الرغبة في النوم ساعات طويلة.
- عدم القدرة على التركيز.
- صعوبة القيام بالأنشطة اليومية المعتادة.
- يفقد المريض الشغف والرغبة في ممارسة الأنشطة التي يحبها.
- قد يتطور الاكتئاب للتفكير في الانتحار.
ما علاج الاكتئاب ما بعد الإدمان
يتنوع علاج الاكتئاب بعد التعافي من الادمان بين الجلسات النفسية والأدوية المضادة للاكتئاب التي لا يمكن استخدامها إلا تحت إشراف الطبيب المعالج وجرعة محددة.
العلاج النفسي الجماعي
تذكر أنك لست الذي يعاني من الاكتئاب بعد التعافي من الادمان، إذ يعاني الكثيرون منه، لذلك يمكنك الانضمام إلى الجلسات النفسية الجماعية التي تتشابه ظروفهم المرضية وتجاربهم معك.
كما تُعد الجلسات النفسية الجماعية الداعم الأول وتقدم تجربة علاجية كاملة، ويمكنك تكوين صداقات جديدة للحصول على الدعم النفسي والمعنوي.
برنامج التشخيص المزدوج
يُعد نوعاً خاصاً من العلاج النفسي الذي يعتمد على علاج الأمراض النفسية وعلاج الإدمان سوياً، إذ يهدف إلى دمج جلسات علاج الإدمان مع الجلسات النفسية.
العلاج السلوكي المعرفي
يُعد أشهر التقنيات النفسية العلاجية التي تهدف إلى محاولة تغيير الأفكار والسلوكيات القديمة المرتبطة بالإدمان ومدى تأثيرهم على المريض.
ويستبدلها المريض بسلوكيات وأفكار جديدة تساعده على مواجهة المجتمع بعد التعافي، ويعتمد العلاج على حضور 8-16 جلسة نفسية سواء كانت فردية أو جماعية على حسب شدة الحالة.
العلاج النفسي التفاعلي (Interpersonal therapy)
يركز العلاج النفسي التفاعلي على العلاقات الاجتماعية والمشاكل التي قد تواجهها في هذه العلاقات مثل صعوبة التواصل والحوار، ويعتمد ذلك على حضور 8-16 جلسة نفسية حسب شدة الحالة.
العلاج التنشيطي السلوكي (Behavioural activation)
يركز العلاج التنشيطي السلوكي على العلاقة بين ممارسة الأنشطة التي يستمتع بها المريض ومزاجه بدلاً من التركيز على الأفكار والمشاعر عن طريق حضور 12-16 جلسة نفسية فردية مع الطبيب المعالج.
وتعطي هذه التقنية أفضل النتائج في علاج الاكتئاب بعد التعافي من الادمان خاصةً إذا كان الاكتئاب سبباً في العزلة الاجتماعية والابتعاد عن التجمعات العائلية والأصدقاء.
حل المشاكل الفردية (Individual problem-solving)
يركز على أهمية تحديد المشاكل وابتكار وتطوير حلول لحلها خاصةً لمن يعانون من الاكتئاب الشديد عن طريق حضور 6-12 جلسة نفسية تبعاً لنتيجة وشدة الحالة المرضية.
نصائح للتغلب على الاكتئاب بعد التعافي من الادمان
وسواء كنت تعاني من الاكتئاب بعد التعافي من الادمان أو قبل الإدمان، فقد تجد صعوبة في التكيف مع الحياة دون مخدرات أو كحول، لذلك اتباع بعض النصائح التالية لمساعدتك على مقاومة الاكتئاب:
لا تخجل من طلب المساعدة
لا بد من التحدث إلى أحد الأطباء النفسيين في مستشفى الوعي الجديد لتحكي له معاناتك مع الاكتئاب وأسبابه حتى يستطيع تحديد الخطة العلاجية التأهيلية المناسبة للقضاء على الاكتئاب.
ممارسة الرياضة
حافظ على ممارسة الرياضة بعد التعافي من الإدمان، إذ تساعد على إعادة التوازن الطبيعي في الدماغ عن طريق إفراز الاندورفين لتحسين المزاج.
تجربة أشياء جديدة
قد يشعر بعض المرضى أن الحياة تصبح مملة بعد التعافي، ويعودون لمواجهة وقت الفراغ من جديد الذي كان سبباً رئيسياً في اتجاههم للإدمان.
لذلك لا بد من البحث عن هوايات جديدة أو قديمة كان المريض شغوفاً بها قبل الإدمان لإعادة الفرحة والسعادة لحياته مجدداً.
تحديد الأهداف الحياتية
لكلاً منا أهداف يريد تحقيقها حتى المدمن قبل مرضه له أهداف يريد تحقيقها، لذلك لا بد من تجديد النية نحو تحقيق تلك الأهداف للوقاية من الوقوع في طريق الإدمان من جديد.
أهم الأسئلة الشائعة
لا ننسى أن نعرض لكم أهم الأسئلة الشائعة بخصوص الاكتئاب بعد التعافي من الادمان:
إلى متى يستمر الاكتئاب بعد التعافي من الادمان؟
تختلف مدة استمرار الاكتئاب بعد الإدمان من مريض لآخر، فقد يسعى بعض المرضى لمقاومة المشاعر والأفكار السلبية بمفردهم دون مساعدة.
وفي بعض الأحيان قد تتمكن هذه الأفكار والمشاعر من المريض وتهزمه وتلقي به في طريق الإدمان من جديد، لذلك لا بد من وجود أشخاص يدعمون المريض في هذه المرحلة ويحثونهم على مقاومة الاكتئاب بعد التعافي من الادمان.
هل يعود الدماغ الى طبيعته بعد ترك المخدرات؟
تتميز الدماغ بقدرتها على بناء خلايا المخ والقنوات العصبية في جميع مراحل حياتنا، وهذا ما يُسمى بالمطاوعة الدماغية (neuroplasticity)، ولكن بعد الإدمان تحدث طفرة في هذه الخلايا وتعيد ترتيب نفسها.
ولحسن الحظ تمتلك خلايا المخ القدرة على إصلاح نفسها والتأقلم مع التغيرات التي تحدث بعد فترة طويلة من الإدمان والتعاطي، ولكن يحتاج ذلك إلى مزيد من الوقت.
ويعتمد ذلك على مدة التعاطي والآثار المدمرة التي سببها الإدمان، ولكن بعض هذه الآثار لا يمكن إصلاحها، وكأنه الثمن الذي تدفعه مقابل للإدمان.
الاقلاع عن المخدرات كيف يعيد لخلايا المخ نشاطها؟
تعود خلايا المخ لنشاطها ولكن لمساعدتها على الشفاء، لا بد من الإسراع في اتخاذ قرار العلاج لسحب السموم من الجسم، ويوجد العديد من البرامج العلاجية التي يمكنك الاختيار منها حسب رأي الطبيب المعالج في حالتك الصحية.
كما يمكنك مساعدة الدماغ والجسم على التعافي وتحسين قدرتهم على المطاوعة الدماغية عن طريق:
- ممارسة الرياضة بانتظام يومياً لزيادة حجم الحصين أو قرن آمون (hippocampus) الذي يتأثر تأثيراً سلبياً بسبب الإدمان.
- ممارسة تمارين التأمل واليوجا لمساعدة الدماغ على تقوية الخلايا العصبية التي دمرها الإدمان.
- تناول وجبات صحية لتعويض نقص الفيتامينات والمعادن التي خسرها الجسم في فترة التعاطي.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم لمساعدة المخ على طرد السموم من الجسم أثناء النوم.
ختاماً، لا تكون الحياة وردية أمام المدمن بعد التعافي، إذ يهاجمه الاكتئاب بعد التعافي من الادمان، فلا تشعر بالخزي والعار من طلب المساعدة، فإن الاكتئاب مرض مثل أي مرض آخر يحتاج إلى علاج، لذلك لا تتردد في الذهاب إلى مستشفى الوعي الجديد للتخلص من الإدمان وتبعاته المدمرة، وحماية المدمن من الانتكاس.