علاج المرض النفسي بالاعشاب…..هل ممكن؟
إن علاج المرض النفسي بالاعشاب ليس بجديد، فقد استخدمها الإنسان منذ القِدم في علاج الأمراض النفسية والعقلية، واكتسبت شعبيتها في العصر الحديث وازدياد رغبة الكثير في استخدام الأعشاب في العلاج، ولكن هذا لا يعني أنها آمنة تماماً أو فعالة، فهل يمكن علاج المرض النفسي بالاعشاب أم ما زال هذا الاقتراح تحت الدراسة؟
جدول المحتويات
علاج المرض النفسي بالاعشاب
يستخدم العديد من المرضى الأعشاب في علاج الأمراض النفسية والعقلية مثل:
نبات القديس يوحنا
يعود استخدام نبات القديس يوحنا إلى آلاف السنين، ويُعد من أهم النباتات التي يجري العلماء الكثير من الأبحاث عليها لمعرفة مدى فعاليتها في علاج الأمراض النفسية.
لذلك يُعد الاختيار الأول في علاج الاكتئاب في العديد من الدول الأوروبية، وذلك بناءً على إحدى تحليلات ميتا التي تضمنت 29 تجربة في 2008م على 5489 مريضاً بالاكتئاب، وأظهرت نتائج من 18 دراسة إيجابية لصالح نبات القديس يوحنا مقارنةً بالعلاج الوهمي.
كما أظهر تأثيراً يساوي في فعاليته مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية بناءً على إحدى المراجعات العلمية التي أُجريت في 2016م، وتضمنت 35 دراسة علمية على 7000 مريضاً بالاكتئاب الذين أكدوا فعالية استخدام نبات القديس يوحنا منفرداً في علاج الاكتئاب الشديد أو المتوسط.
وتراوحت الجرعة في هذه الدراسات العلمية بين 300-1800 مجم يومياً، بالإضافة إلى احتواء الدواء على 0.3% من الهايبرسين (hypericin)، و2-5% من الهايبرفورين (hyperforin).
يعتمد نبات القديس يوحنا في علاج المرض النفسي بالاعشاب على التثبيط غير الانتقائي لاسترداد السيروتونين، والدوبامين، والنورابينفرين، والجابا، والجلوتاميت (L-glutamate)، كما يقلل تحلل هذه النواقل العصبية في الدماغ، وتحافظ على توازن الكورتيزول في الدم.
وقد يسبب نبات القديس يوحنا بعض الأعراض الجانبية التي تحدث بنسبة 0.1-5.7% وتتضمن بعض المشاكل الهضمية والجلدية، ولكن يمكن تحملها جيداً.
ونادراً ما يسبب متلازمة السيروتونين عند استخدامه مع مضادات الاكتئاب المثبطة لاسترداد السيروتونين الانتقائية، فقد يسبب الهوس والفصام، إذ تحدثت إحدى المقالات العلمية عن ظهور 17 حالة من الفصام والهوس في 2004م بسبب استخدام نبات القديس يوحنا.
وتبدأ جرعته في البداية بتركيز 300 مجم وتزداد تدريجياً حتى تصل إلى 1800 مجم مع مراقبة الأعراض الجانبية، وإذا لم تجد تحسن في خلال 6 شهور من العلاج، فلا بد من استخدامه مع مضادات الاكتئاب أو تغيير العلاج.
علاج الاكتئاب النفسي الشديد والقلق بالكركم
يُعد أحد البهارات التي تُستخدم في المطبخ، واستخدمه الصينيون في علاج المرض النفسي بالاعشاب في العديد من وصفاتهم الطبية، وذلك اتباعاً لتحليل ميتا الذي أُجري في 2020م لعشر دراسات على 530 مريضاً بالاكتئاب.
اكتشف العلماء فعالية مادة الكركمين الموجودة في الكركم في تخفيف أعراض الاكتئاب اتباعاً لعشر دراسات بالإضافة إلى تخفيف أعراض القلق اتباعاً لخمس دراسات أخرى.
كما أُجريت دراسة تحليلية أخرى تؤكد مدى فعالية الكركم في علاج الاكتئاب والقلق عن طريق إجراء 6 تجارب على 377 مريضاً بالاكتئاب، واستمرت هذه التجارب 4-8 أسابيع.
وفي سياق متصل للحديث عن علاج المرض النفسي بالاعشاب، أكدت 3 دراسات أخرى فعاليته في علاج القلق، علاوة على ذلك أجرى العلماء تجارب استمرت لمدة 6 أسابيع على 108 مريضاً بالاكتئاب، وأكدوا فعالية 1000 مجم يومياً من الكركمين على عكس العلاج الوهمي.
بالإضافة إلى انخفاض معدل السيتوكينات المسؤولة عن الالتهابات (inflammatory cytokines)، وانخفاض معدل هرمون الكورتيزول في الغدد اللعابية، وارتفاع معدل عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ (brain-derived neurotrophic factor).
يُعد الكركمين مضاداً للالتهابات، ومضاداً للأكسدة، ويحمي الخلايا العصبية، وتنظيم معدل إنزيم أحادي الأكسيداز.
علاج طبيعي للاكتئاب النفسي والقلق بالزعفران
أُجريت أغلب التجارب في مدينة إيران التي استخدمت الزعفران قديماً في علاج المرض النفسي بالاعشاب مثل الاكتئاب وتحسين المزاج عدة قرون.
وذلك لاحتوائه على مادة السافرانال (safranal) الذي يثبط استرداد السيروتونين، والكروسين (crocin) الذي يثبط استرداد الدوبامين والنورابينفرين، مما يساعدان في علاج الاكتئاب والقلق والأرق.
ونُشرت أحد الدراسات التحليلية التي تؤكد فعالية الزعفران في علاج الاكتئاب مشابه لتأثير الأدوية المضادة للاكتئاب على عكس العلاج الوهمي.
بالإضافة إلى إجراء تجربة أخرى على 60 مريضاً بالاكتئاب استمرت لمدة 12 أسبوعاً عن طريق إعطائهم 50 مجم يومياً من الزعفران لتؤكد مدى فعاليته في علاج الاكتئاب.
يمكن استخدام الزعفران منفرداً أو مع مضادات الاكتئاب الأخرى في علاج الاكتئاب المتوسط أو الشديد مرتين يومياً، ويُفضل استخدامه بجرعة عالية عند اختيار مكمل غذائي يحتوي على الزعفران.
هل اللافندر أفضل عشبة للقلق والتوتر
يُعد اللافندر من أهم النباتات في علاج المرض النفسي بالاعشاب، فقد اُستخدم في جلسات التدليك لتخفيف أعراض القلق والتوتر، والدليل على ذلك إجراء تحليل ميتا في 2021م لتؤكد مدى فعالية اللافندر في تخفيف أعراض القلق والاكتئاب.
كما أُجريت إحدى الدراسات على 318 مريضاً بالاكتئاب استمرت لمدة 70 يوماً عن طريق إعطاء المرضى 80 مجم يومياً من السيليكسان (Silexan) وهي المادة العطرية الموجودة في اللافندر، وكانت سبباً في تخفيف أعراض الاكتئاب.
قد يسبب اللافندر التجشؤ (eructation)، ويُفضل استخدام المكملات الغذائية التي تحتوي على 80-160 مجم يومياً من اللافندر.
قد تصبح فعاليته ضعيفة عند استخدامه منفرداً، لذلك يُفضل استخدامه مع مضادات الاكتئاب الأخرى في علاج القلق والاكتئاب.
هل يُستخدم الحشيش في علاج المرض النفسي بالاعشاب؟
يحتوي الحشيش على مادة رباعي هيدرو كنابينول (THC) والكانابيديول (CBD)، ونُشرت أحد المقالات العلمية في 2019م التي تضمنت تلخيص 83 دراسة بما في ذلك 40 تجربة على 3067 مريضاً.
نستنتج من هذا المقال عدم وجود أدلة كافية بخصوص فعالية الكانابينويد في تخفيف أعراض القلق أو الاكتئاب أو متلازمة فرط الحركة وتشتت الانتباه أو الفصام.
ولم يجد العلماء أي نتائج إيجابية إلا وجود دليل غير قوي بخصوص فعالية رباعي هيدرو كنابينول في علاج القلق، كما أُجريت دراسات أخرى في 2021م تؤكد عدم وجود أدلة تؤكد وصف الأطباء للكانابيديول أو رباعي هيدرو كنابينول للتحكم في أعراض القلق وتحسين المزاج.
وعلى الرغم من ذلك قد يصفه بعض الأطباء لتخفيف أعراض القلق محذرين من مخاطر استخدامه لفترة طويلة حتى لا يسبب الإدمان، ولكن حتى الآن لا يوجد أبحاث كافية بخصوص هذا الموضوع.
وتتراوح جرعة رباعي هيدرو كنابينول بين 5-45 مجم، وتبدأ الجرعة اليومية من 15 مجم، وإذا لم يجد تأثير يتناول المريض قرصاً آخر بعد نصف ساعة، وقرصاً ثالثاً بعد نصف ساعة للوصول إلى أقصى جرعة فعالة.
ما الفرق بين علاج المرض النفسي بالاعشاب والعلاج بالأدوية؟
يختلف العلاج العشبي عن العلاج الدوائي في عدة نقاط، وهي:
- يمكن تحضير العلاج العشبي خصيصاً للمريض حسب احتياجاته وحالته المرضية.
- سهولة شراء العلاج العشبي دون الاحتياج لوصفة طبية.
- يعتمد العلاج العشبي على العلاج التقليدي المجرب وليس على التجارب الإكلينيكية والأبحاث العلمية.
- لا يعتمد عليها الأطباء في العلاج لعدم وجود دراسات كافية تؤكد مدى فعاليتها في علاج الأمراض العقلية.
هل العلاج العشبي آمن؟
قد يعتقد البعض بالخطأ أنه آمن تماماً للاستخدام، ولا يسبب أعراضاً جانبية، ولكن هذا غير صحيح، إذ يسبب العلاج العشبي آثاراً جانبية مثل الأدوية بل ويسبب تفاعلات دوائية.
وإذا لم تُحضر بطريقة صحيحة فقد تكون سامة، لذلك لا بد من استخدامه تحت إشراف الطبيب شأنه شأن العلاج الدوائي.
كيف تعالج نفسك بنفسك من الاكتئاب
وسواء اخترت علاج المرض النفسي بالاعشاب أو بالأدوية، فيمكنك اتباع النصائح التالية لتساعدك على مقاومة الأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب، ومن أهم هذه النصائح:
- ممارسة الهوايات التي تحبها.
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- اتباع نظام غذائي صحي.
- تجنب التدخين، والإكثار من شرب الماء.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
- بناء علاقات اجتماعية سوية.
- المشاركة في الأعمال التطوعية والخيرية، مما يعطي الفرصة لتكوين صداقات جديدة.
- ممارسة تمارين الاسترخاء أو اليوجا.
- تحقيق الأهداف المستقبلية والسعي لتحقيقها.
- الابتعاد عن المشروبات الكحولية والمخدرات.
- طلب المساعدة من المتخصصين مثل مستشفى الوعي الجديد.
ختاماً، قد يكون علاج المرض النفسي بالاعشاب وسيلة جديدة فعالة وآمنة، ولكنها تحتاج لمزيد من التجارب الإكلينيكية والأبحاث العلمية لمعرفة مدى فعاليتها والأمان لها، ومهما كان المرض النفسي الذي تعاني منه فلا تتردد في طلب المساعدة من المتخصصين في مجال الطب النفسي في مستشفى الوعي الجديد.